الرائدة في صحافة الموبايل

التلاعب بالمحتوى الإعلامي وتقنيات الذكاء الاصطناعي.. بين التضليل وصناعة الرأي العام

في العصر الرقمي، أصبح الإعلام أحد الأدوات الأكثر تأثيرًا في تشكيل الرأي العام، خاصة في ظل النزاعات والأزمات. غير أن هذا التأثير لم يعد مقتصرًا على نقل الحقيقة، بل صار يُستغل في كثير من الأحيان لأغراض التضليل والتوجيه عبر تقنيات حديثة، أبرزها الذكاء الاصطناعي. في المغرب، كما في دول أخرى، برزت حالات متعددة لاستخدام المحتوى المفبرك لخدمة أجندات معينة، مما يجعل الوعي بهذه الظاهرة أمرًا ضروريًا للحفاظ على الحق في الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة.

التلاعب بالمحتوى الإعلامي: الأشكال والتقنيات
يمكن التلاعب بالمحتوى الإعلامي بعدة طرق، أبرزها:

التضليل عبر الصور والفيديوهات
يتمثل ذلك في استخدام صور قديمة أو غير مرتبطة بالسياق الحقيقي للأحداث. على سبيل المثال، خلال بعض الاحتجاجات الاجتماعية في المغرب، انتشرت صور لأحداث عنف على أنها وقعت في مدن مغربية، في حين أن مصادر مستقلة كشفت أن الصور مأخوذة من احتجاجات في دول أخرى.

استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى زائف
أصبح من الممكن عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي إنشاء صور وأصوات وحتى مقاطع فيديو تحاكي الواقع تمامًا. على سبيل المثال، تم تداول مقطع صوتي منسوب إلى شخصية سياسية مغربية يدلي بتصريحات مثيرة، قبل أن يتبين لاحقًا أن الصوت مُركّب باستخدام تقنية التزييف العميق (Deepfake).

التحوير في عناوين الأخبار والمقالات
كثيرًا ما تلجأ بعض المنصات إلى عناوين مضللة لجذب الانتباه وتحقيق انتشار واسع، وهو ما يؤدي إلى تشويه الحقائق. على سبيل المثال، خلال فترات الأزمات الاقتصادية، ظهرت عناوين تدّعي “إفلاس الاقتصاد المغربي”، بينما عند التحقق من المحتوى الفعلي للمقال يتضح أن الأمر يتعلق بتراجع طفيف في بعض المؤشرات الاقتصادية وليس انهيارًا شاملًا.

نشر الأخبار الملفقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لنشر الأخبار الكاذبة. خلال فترة جائحة كورونا، انتشرت معلومات زائفة حول قرارات الإغلاق والتلقيح في المغرب، مما أثار حالة من الهلع بين المواطنين، قبل أن تتدخل الجهات الرسمية لتوضيح الحقائق.

كيفية التحقق من الأخبار والمحتوى الإعلامي
لمواجهة هذا التلاعب، يمكن الاعتماد على عدة أدوات وتقنيات، من بينها:

أداة TinEye: للتحقق من مصدر الصور وتواريخ نشرها على الإنترنت، مما يساعد في كشف الصور المتكررة والمُعاد استخدامها بسياقات مختلفة.
موقع FotoForensics: يكشف التعديلات التي طرأت على الصور باستخدام تقنيات تحليل البيانات الحرارية.
Google Reverse Image Search: يمكن من خلاله رفع الصورة والتحقق من مصادرها المختلفة عبر الإنترنت.
مواقع التحقق من الأخبار: مثل موقع “مغرب تيك” و”فاكت تشيك المغرب”، اللذين يقدمان تحليلات دقيقة حول الأخبار المتداولة.
أهمية الوعي الإعلامي في مواجهة التضليل
في ظل الانتشار الواسع للمعلومات، أصبح من الضروري تنمية الوعي الإعلامي لدى الجمهور من خلال:

تعزيز التفكير النقدي: يجب على الأفراد عدم تصديق كل ما يُنشر، بل التحقق من مصادر المعلومات قبل مشاركتها.
تعلم مهارات التحقق الرقمي: الاطلاع على الأدوات والتقنيات التي تساعد في كشف المحتوى المفبرك.
متابعة مصادر الأخبار الموثوقة: تجنب المواقع غير الرسمية التي تروج للإشاعات، والاعتماد على وسائل الإعلام ذات المصداقية.
ختامًا
يعد التلاعب بالمحتوى الإعلامي تحديًا خطيرًا يواجه المجتمعات في العصر الرقمي. في المغرب، كما في باقي دول العالم، أصبح نشر الأخبار الكاذبة والمحتوى المفبرك وسيلة لتوجيه الرأي العام وتحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية. لذا، فإن الحل يكمن في تعزيز الوعي الإعلامي، وتطوير المهارات التقنية التي تمكّن الأفراد من التحقق من صحة المعلومات، حفاظًا على الحق في المعرفة والمعلومات الصحيحة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد