الرائدة في صحافة الموبايل

التساقطات المطرية الأخيرة في الميزان.. الانعكاسات والآثار

أعدته الإعلامية نادية الصبار – دنابريس

بعد موجة الجفاف التي عرفها الموسم الفلاحي الحالي والتي كادت تنذر بأزمة حقيقية، كان من الممكن أن تنعكس سلبا على مخزون المياه والماء الشروب وكذا على القطاع الزراعي كقطاع حيوي داخل النسيج الاقتصادي الوطني.

وتعود هذه الموجة إلى تراجع شديد فى نسبة تساقط الأمطار، حيث سجلت المملكة النسب الأدنى منذ ثلاثة عقود بمعدل  75 ملم وعجز نسبته 64% مقارنة بباقي المواسم.

وقد سبق لوزير التجهيز والماء السيد نزار بركة أن نبه إلى خطورة الجفاف وانعكاسه على تضاحل مخزون المياه وخاصة الماء الشروب، حيث أشار إلى أن نصيب الفرد من الماء في المغرب لا يتجاوز 600 إلى 300 متر مكعب سنويا في بعض المناطق بينما المعدل العالمي يقدر بـ1000 متر مكعب للفرد.

فيما أرجعت الأرصاد الجوية المغربية، ضعف التساقطات المطرية الملحوظ خلال فصل الشتاء في المغرب وجنوب أوروبا، إلى الأحوال الجوية والمناخية “غير المواتية”.

وفي نفس السياق؛ أعلن البنك المركزي المغربي تراجعا مرتقبا لمحصول الحبوب هذه السنة إلى حوالي 25 مليون قنطار، متأثرا بالجفاف، حيث كشف  (خلال مجلسه الفصلي) تراجعا حادا في محصول الحبوب بعدما وصل إلى أكثر من 103 مليون قنطار هذه السنة، مسجلا بذلك  المحصول الأدنى” المتوقع” في السنوات الأخيرة.

وإذا كانت التساقطات الأخيرة التي عرفتها ربوع المملكة بالأيام القليلة الماضية، والتي من شأنها أن تسجل ارتياحا كبيرا في أوساط الفلاحين والمهتمين، تجعلنا نتساءل إذا ما كان بوسعها أن تواكب تطلعات وآمال الفلاحين والناشطين بقطاع الزراعة والحبوب؟

وللجواب عن تساؤلاتنا تواصلت دنا بريس مع  مولاي عبد القادر العلوي رئيس الجامعة الوطنية للمطاحن ونائب رئيس الجمعية البمهنية لأنشطة الحبوب، وكذا للتعرف عن كتب عن واقع الفلاح المغربي وانتظاراته فقد كان لنا اتصال بأحد الفلاحين الكبار بضواحي بنسليمان السيد عمر لوراوي.

مولاي عبد القادر العلوي رئيس الجامعة الوطنية للمطاحن

جاء في تصريحه أنها؛ أي، أمطار الخير تجلب بكل الأحوال المنفعة للبلاد والعباد، سواء كانت بأول الموسم او متأخرة كما الحال هذه السنة، وأول انعكاس إيجابي يمكن تسجيله يتعلق بالمخزون المائي والماء الشروب،
وأما جوابا على سؤال حول ما إذا كانت للأمطار الأخيرة انعكاسات إيجابية على المحاصيل الزراعية، أم يصدق عليها المثل المغربي ” فاتك الغرس في مارس؟!”.. فقال: “إني أكاد أجزم أن هذه التساقطات التي عرفتها أغلب المناطق بالمملكة ستعطي لا محالة أملا كبيرا للفلاحين الذين كانوا قاب قوسين أو أدنى من مواجهة سنة عجفاء”.

وأضاف المتحدث؛ أي نعم، لن تستفيد من هذه التساقطات الزراعة “البكرية” كالقمح والشعير لكن الزراعات “المازوزية” ستستفيد مع بعض التفاوتات من هذه الموجة المتأخرة من الأمطار، كذلك؛ يمكن القول أن الاستفادة من عدمه مرتبط بالمناطق، فمثلا قبائل الشاوية ودكالة وعبدة والشياظمة لن تستفيد بالشكل المطلوب، وبالمقابل فالمناطق الجبلية ومنطقة سايس خصوصا،  ستستفيد أكثر وهذا راجع للطبيعة الجغرافية.

عموما؛ يضيف ذات المتحدث، لا يمكن القول إلا أنها أمطار خير وبركة وستستفيد منها بالفعل الزراعات المتأخرة المرتبطة بهذا الشهر و”اللي مافاتهاش الغرس في مارس ” كالذرة والقطاني وعباد الشمس، ولا ننسى أن هذه الأمطار ستساهم ولا محالة في توفير الكلأ والأعلاف للماشية.

وأضاف؛ أنه بالنسبة للدولة المغربية، فقد أخذت جميع الاحتياطات لمواجهة موجة الجفاف وحتى قبل الحرب الروسية الأوكرانية، إذ قامت الحكومة المغربية بتوفير احتياطي يكفي حاجيات السوق المغربية ل5 أشهر المقبلة، مما ساهم في استقرار أثمنة القمح، خاصة، وأن خزينة الدولة المغربية تحملت الفرق بين كلفة استيراد القمح من السوق العالمية وكلفة تسويقه وتوزيعه للمطاحن الكبرى بثمن 270 درهم للقنطار الواحد.

هذاوحسب مولاي عبد القادر العلوي؛ فمن المرتقب بعد أمطار الخير تحصيل ما بين 25 و30 مليون قنطار من الحبوب مما قد يساهم في تأمين هذه المادة الحيوية بالنسبة للمغاربة.

عمر لوراوي فلاح مغربي بضواحي بنسليمان

وفي السياق ذاته؛ كان لنا اتصال ب “عمر لوراوي”، حول توقعاته كفلاح، فجاء في تصريحه ما يلي: “بالنسبه للشعير والقمح وفرينه مشى عليهم الحال؛ اللي عطا الله عطاه وهاد الشتوة لي صبات تقدر تعطيهم الخضوره وتكون مزيانة وليني ماشي غلة.. تكون علف للبهيمات.
أما الذرة؛ هذا وقتها تجي مزيانة، والقطاني: اللوبيا والحمص يستفادوا، العدس والفول حتى هما مشى عليهم الحال”.

ويضيف المتحدث: بالنسبة للجلبانة “الربعينية” (تثمر في40 يوم ) وكتكون في اول العام مشى عليها الحال.. اما “السرباته ” كنزرعوها في جانفيي وعلى 3 اشهر تثمر وتعطي غلة مزيانة بزاف كثر من الربعينية؛ وهما بجوج “الربعينيه والسرباته” بوريين مشا عليهم الحال وليني “الشكاره “و “الخنجر “وماركات اخرى دخلات للبلاد غادي تكون مزيانة”.

ثم استرسل المتحدث وقال: “بصفتي فلاح كنقول: “القمح والشعير مشى عليهم الحال، هذا العام كريت الارض وزرعتها، القطار (اي الهكتار) يعطي بين 25و30 حتى 40 و45 قنطار .. بلاتي.. هدشي في بنسليمان، يعني على حساب الارض المحروثه.. في النواحي ديال الكارة وجمعة مليلة يعطي القطار حتى ل 70 قنطار وكذلك بالنسبة للقمح والفرينة (القمح اللين)، من 50 الى 70.. يعني الفلاح سوا الأرض ديالو ولا كاري كيكون رابح”.

ولأن أغلب الفلاحين لا يكتفون باستغلال الأراضي التي بحوزتهم بل يقومون بكراء أراضي فلاحية مجاورة لتوسيع نشاطهم. فعمر لوراوي كأي فلاح لديه قدرة مالية ومعدات فلاحية سيحاول ان يوضح لنا كيف تتم عملية الحرث وكم تكلف وكم تنتج. فقال: “كنكري القطار (الهكتار) ب1300 درهم ونحرثه ب500 درهم او 600 درهم، والزريعة تقام علي ب100 درهم واللي يلوح الزريعة 100درهم. والزريعة تلاح باليد، او ب”التراكتور”.. “سومور” او “اللواطه”، و “اللواطة” وخا تطيح غالية كتعطي الغلة وكاين الملح والسماد وزيد وزيد”.

وتابع المتحدث تفصيل العملية فقال: “أما حصاد ودراس يتقام ب250 حتى 300 درهم للقطار.. والقضية وما فيها كيتقام علي الحرث  ب3000 درهم حتى ل3500. واذا كان الموسم مزيان نربح 8000 درهم حب وتبن، المشكل ماشي في هاد العام، لا قدر الله وكان الجفاف عام على عام  كتكون الخسارة كبيرة وكيتهرس الفلاح”.

وعود إلى بدء؛ فالتساقطات المطرية الأخيرة، سواء كانت لها انعكاسات إيجابية  أم ضعيفة إلى متوسطة فإنها؛ لا محالة، ذات تأثير إيجابي على مخزون المياه والماء الشروب، إذ عرفت حقينة سدود الشمال المغربي إنتعاشة مهمة بعد التساقطات المطرية الأخيرة، فبحسب وضعية سدود المملكة ليوم 05 أبريل 2022 المنصرم، إستطاع كل من سد النخلة وسد اسمير بإقليم تطوان تحقيق نسبة ملئ وصلت 100%، أما بالنسبة لباقي سدود أحواض شمال المغرب فقد حقق أغلبها نسبة ملئ تفوق 50%.
ومع ذلك سجلت التساقطات الأخيرة بعض الانعكاسات السلبية، كيف ذلك؟

رواد السوشل ميديا: “نقيطات ديال الما كتفضح البلاد”

فبالرغم من كل التأثيرات الإيجابية التي تحدثنا عنها مسبقا، فإن التساقطات الأخيرة تسببت لغزارتها في قطع الطريق الوطنية رقم 2 الرابطة بين تطوان وشفشاون، إلى جانب طرق ومسالك جهوية أخرى.

كما أظهرت فيديوهات تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي السيول الجارفة التي خلفتها التساقطات المطرية والتي ساهمت فيها الطبيعة الجغرافية للمنطقة، مما أدى إلى ارتفاع حمولة الوديان التي تسببت في قطع الطرقات والمسالك، ناهيك عن غمر المياه لبعض المنازل، مما جعل رواد منصات السوشل ميديا يرددون “نقيطات ديال الما كتفضح البلاد”.

قطرات من الماء تحرج أخنوش

فباعتباره رئيس مجلس جهة أكادير والذي سبق ووعد بتأهيل المدينة، وتحويلها إلى وجهة سياحية واقتصادية وجعلها في مصاف المدن العالمية الكبرى، تحولت مع أول موجة أمطار قوية إلى برك مائية أغرقت عددا من السيارات والحافلات، بعد عجز مجاري الصرف الصحي عن تحمل التساقطات بسبب قلة الصيانة واختناق البلاعات، ما جعل متتبعين للشأن المحلي يصفون الوضع ب “قطرات من الماء تحرج أخنوش”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد