الرائدة في صحافة الموبايل

الدورة السابعة للجنة المغربية العُمانية ترسّخ الشراكة وتثمّن جهود الملك في القدس

من مسقط، عاصمة سلطنة عُمان، بعثت الدورة السابعة للجنة المشتركة المغربية-العُمانية أكثر من رسالة سياسية، لم تكتف فقط بتثمين جهود جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، في الدفاع عن المدينة المقدسة ودعم صمود أهلها من خلال وكالة بيت مال القدس الشريف، بل مضت أبعد من ذلك، مؤكدة دعم سلطنة عُمان الصريح والثابت للوحدة الترابية للمملكة المغربية، واعتبار مبادرة الحكم الذاتي الأساس الواقعي والعملي لتسوية ملف الصحراء المغربية.

وقد ترأس أشغال هذه الدورة السيد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إلى جانب نظيره العُماني السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، في لقاء أعاد تأكيد متانة العلاقات الثنائية بين البلدين واستعدادهما لتعزيز التعاون في شتى المجالات، وسط إشادة عمانية بالدور الإقليمي والدولي المتنامي للمملكة المغربية، وخاصة الجهود الملكية الرامية إلى تعزيز الاستقرار والتنمية في القارة الإفريقية.

وبلهجة واضحة، عبّرت سلطنة عُمان عن تقديرها لحكمة القيادة المغربية في التعامل مع الملفات الإقليمية والدولية، وتمسكها بالحلول السلمية التي تحفظ استقرار المنطقة، مشيدة بما وصفته بالدور الريادي لجلالة الملك محمد السادس في إرساء أسس الأمن والسلم في إفريقيا، انطلاقًا من رؤية استراتيجية تتقاطع مع تطلعات الشعوب نحو الرخاء والتكامل.

ومن الجانب العملي، توج اللقاء بتوقيع حزمة اتفاقيات تعاون تعكس الإرادة السياسية في نقل الشراكة إلى مستوى أكثر دينامية وتنوعًا، وشملت مذكرة تفاهم بشأن الاعتراف المتبادل بالشهادات البحرية، وأخرى في مجالات الطاقات المتجددة، والرياضة المدرسية، والرقمنة القضائية، فضلًا عن برنامج تنفيذي في المجال السياحي يمتد لسنة 2025، وهي ملفات تفتح آفاقًا جديدة لتعاون قطاعي واعد يعكس عمق الروابط التاريخية بين البلدين، ويفتح المجال أمام شراكة متعددة الأبعاد قوامها التكامل والتضامن والانفتاح على المستقبل.

ويعكس هذا التناغم السياسي والدبلوماسي بين الرباط ومسقط رهانات متعددة، تمتد من تكريس التضامن العربي في القضايا المركزية، وفي مقدمتها القدس، إلى تثبيت وحدة الصف حول قضية الصحراء المغربية، في وقت يشهد فيه الإقليم تحولات دقيقة تستدعي تموقعات ذكية وتحالفات متزنة. كما يُراهن على الاتفاقيات القطاعية الموقعة في هذه الدورة لإحداث نقلة نوعية في التعاون الاقتصادي والتقني، خصوصًا في مجالات الطاقات النظيفة، والنقل البحري، والتحول الرقمي، وهي ميادين تتقاطع فيها أولويات التنمية لدى البلدين مع تطلعات جيل جديد من الشراكات الذكية في العالم العربي.


يشار أن ما يميز هذه الدورة ليس فقط؛ حجم الاتفاقيات أو تنوعها، بل قدرة البلدين على تحويل تطابق الرؤى السياسية إلى مشاريع عملية قابلة للقياس، وهو مؤشر على أن العلاقات المغربية العمانية بدأت تتجاوز مربع المجاملات الدبلوماسية نحو نمط تعاون استراتيجي، هادئ في لغته، عميق في أثره. وفي سياق إقليمي يبحث عن التوازن، فإن تثبيت تحالفات من هذا النوع يُعَدّ رصيدًا مضاعفًا على المستوى الجيوسياسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد