الرائدة في صحافة الموبايل

زنادقة حقوق الإنسان.. في زمن كورونا

ذ. عبد المولى المروري

هناك تعاريف متعددة لمصطلح الزندقة، وسأكتفي بتعريف واحد له ارتباط بموضوع حقوق الإنسان، وبذلك سأكون أول شخص يكتب عن انتشار ظاهرة الزندقة في النضال الحقوقي.

الزندقة تعني من ضمن معانيها إخفاء الكفر وإظهار الإيمان، وهي ظاهرة ضاربة في عمق التاريخ الإنساني، وانتقلت من الفرس إلى الحضارة الإسلامية وانتشرت مع العهد العباسي، وكان من أشهر الزنادقة في ذلك العصر بشار بن برد وصالح بن عبد القدوس في البصرة، ومطيع بن إياس وحماد عجرد في الكوفة كما تروي كتب التاريخ.

وقياسا على هذا التعريف، فإن #زنادقةحقوقالإنسان يظهرون الدفاع عن حقوق الإنسان ويضمرون تأييدهم لانتهاكها، مستعملين المفردات والمصطلحات ذاتها التي تزخر بها المعاجم الحقوقية.. وإليكم أهم خصائصهم ومميزاتهم:

1/ فئة مطرودة من هيئات، أو منبوذة أو متنقلة:

أهم ما يميز هذه الفئة أنها كانت تختفي في هيئات رسمية أو سياسية أو مدنية، وبالتالي راكموا رصيدا لا يستهان به على مستوى الفكر السياسي والحقوقي، ونهلوا من مرجعيته وتدربوا على خطاباته، وأجادوا التموقع في مناصبه ومنابره.. وبعد انكشافهم وافتضاح أمرهم تم طردهم أو آثروا الترحال حرصا على مصالحهم.

2/ اعتماد المعجم الحقوقي ذاته:

.فهذه الفئة تتقن إلى حد كبير استعمال المصطلحات العبارات الحقوقية ومرجعياتها الكونية، ولكن في إطار خلفيات وضمن أهداف تتصادم مع مبادئ وقيم حقوق الإنسان. لذلك تجدهم يعارضون وبشدة أي دعوة للمصالحة الوطنية أو مبادرة من أجل الإفراج عن معتقلي الرأي والصحافة والحراك الاجتماعي، بذريعة أن أولائك حوكموا بجرائم الحق العام ويشكلون خطرا على المجتمع، علما أن تلك الدعوات أو العرائض التي نادت بالعفو والمصالحة ضمت خيرة رجالات ومثقفي وسياسيي وحقوقيي المغرب، ولا يشك في نضاليتهم ونزاهتهم ومصداقيتهم وتاريخهم المشرف.

3/ الذكاء من درجة المكر والخبث:

يتميزون بمستوى خطير من الدهاء والذكاء الممزوج بالخبث والخديعة، متسلحبن بالخطاب الحقوقي، مع إظهار النضال المستميت من أجل قضية معينة، وغالبا تكون تلك القضية هامشية أو في أدنى الأولويات الحقوقية، مستغلين وسائل الإعلام ومنابرها التي يمتلكها #صعاليك_الصحافة، كي تزيد في شهرتهم، فَهُم ينمقون الكلام، ويتظاهرون بالانفعال والتأثر كي يؤثروا في المتلقي أو المشاهد الساذج..

4/ التملق إلى السلطة والأجهزة الأمنية:

حيث تجدهم في مقدمة من يبارك أعمال السلطة والأجهزة الأمنية، ولو أدت إلى انتهاكات كببرة لحقوق الإنسان، بدعوى التطبيق “الصارم والحازم للقانون”، ويستدلون على ذلك بما تيسر لهم من قانون مؤول على هواهم وموافقة لمزاج السلطة، أو مفردات حقوقية تنتصر للباطل على حساب الحق تحت قاعدة كلمة حق أريد بها باطل.

وهم لا يضعون مسافة معقولة بينهم وبين ما تقوم به السلطة، بل تجدهم مؤيدين لها مبررين لانتهاكاتها، يلقون بأنفسهم في أحضانها، يسبحون بحمدها ويتمسحون بأعتابها.. داعين إلى المزيد من “الحزم والضبط”، أي مزيد من الظلم والقمع.

5/ استعمال أقبح وأقذر الأساليب مع خصومهم:

هم عبارة عن مخزون كبير من الحقد والضغينة، مخزون يتميز بنسبة عالية من التركيز والكثافة، كأنهم جمعوا كل أحقاد الدنيا في نفوسهم، وكل أشكال الخسة في سلوكهم، وكل أنواع النذالة في تعاملهم.. لا يرقبون في من يخالفهم إلا ولا ذمة، لا يتورعون أبدا عن السب والشتم، فيختارون أقبح ما فيه، لا يتورعون عن الكذب والإفك والبهتان وينتقون أفتك ما فيه.. لا يتورعون عن التشهير والتنكيل بخصومهم، ويتصيدون أدنس ما فيه.

يصلون إلى ضحاياهم بالتجسس والاستخبارات.. ويسقطونهم بالنميمة والبهتان والخيانة في أيدي الأجهزة.. عندهم حب مجنون للانتقام والفتك بخصومهم، ولا يهدأ لهم بال أو ترتاح لهم نفس حتى ينكلوا بهم شر تنكيل.

وهم إذا تأملت كلامهم لا تجده يخرج عن أزيز أو نعيق أو فحيح أو قباع، إذا سمعته أزعجك، وإذا اقترب منك دنسك، وإذا لمسك – لا قدر الله – أضرك..

هكذا حالهم، وهذه معيشتهم ومعاشهم.. بين المجاري القذرة وقنوات الصرف العفنة، والبرك النثنة.. طعامهم لحوم المناضلين الشرفاء، وشرابهم دماء الأبرياء.

هم يشكلون خطرا داهما على المجال الحقوقي، ومتربصا به، فكرا ونضالا وعملا وخطابا.. فهم يحرفون فكره، ويميعون نضاله، ويشوهون عمله، ويضللون خطابه.. خطورتهم في اندساسهم في الجسم الحقوقي واستعمالهم لآلياته وأدواته بطريقة محرفة وكاذبة ومزورة… وهدفهم الأساس هو تدمير النضال الحقوقي الجاد لفائدة السلطوية والاستبداد.. ولهم في ذلك منافع جمى ومصالح عظمى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد