الرائدة في صحافة الموبايل

عيد الحب.. زوبعة في فنجان

فاتح الحسناوي

يحتفل العالم في يوم 14 فبراير بعيد الحب، ويرجع أصل ونشأة هذا العيد إلى مهرجان روماني في عصر النهضة، حيث كان الرومانيون يحتفلون بقدوم فصل الربيع، ويمارسون طقوس الفرح وتزويج النساء والرجال عن طريق القرعة.
ويعود سبب الاحتفال بعيد الحب، إلى ذكرى القديس فالنتاين، حيث سجن كلوديوس بإعراضه على أوامر الإمبراطور التي تتمثل في منع الشباب من الزواج للتطوير الخدمة العسكرية.
الملاحظ ان تاريخ الاحتفال بعيد الحب يختلف باختلاف المرجعيات الفكرية الاديولوجية والتحولات الاجتماعية ويختلف ايضا تمثلنا للحب حسب الازمنة والامكنة، وهذا ما يدفعنا الى طرح سؤال على الشكل الاتي لماذا نشا الحب في الوطن العربي بغرائبيته قبل اوروبا؟
للجواب على هذا السؤال نعود الى الارث الحضاري للمجتمع العربي، حيث عملت اللغة الشعرية على تحرير المرأة في العصر الأموي، وهذا ما نجده عند الباحثين السوسيولوجين الذين عالجوا الحب واللغة في علاقتهما بالمجتمع العربي في القرن التاسع الهجري، من خلال الشعراء العذريين الذي ربطوا بين اللسان والفرج أو ما يسمى في السوسيولوجيا علاقة اللسان العربي بالجنسانية، إن اللسان الاجتماعي يبنى و يهدم في العلاقات العاطفية و الاجتماعية. لذلك يقول: الجاحظ من حفض لسانه وفرجه أمن شرور زمانه، لقد لعب الشعر دورا كبيرا في الحقل العاطفي وعري المرأة وحررها لدرجة نجد المرأة تستسلم للأغراء الجنسي والشعري، إنها اللغة التي تعري كل شيء. او بتعبير عامي شعر العنابة او عنيبة بتسكين العين وكسر النون وهذا له مبرره فعندما نعود إلى أصول الشعراء العذري نجدهم ينتمون إلى البدو غير المستقرين اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، فالمجتمع البدوي يتميز بالبساطة والمحافظة بشكل عام وفي موضوع الحب على وجه الخصوص. لقد قسم المجتمع العربي جسد المرأة إلى نصفين: علوي وسفلي، هذا ما نجده عن إبن القيم الجوزية حيث يقول كان يشترط ان يفرق بين العشيق والعشيقة أن يكون له من نصفهما الأعلى إلى سترتها، ينال منها ما يشاء من ضم وتقبيل ورشف، و النصف الأسفل يحرم عليه.
إن المتعمق في قول إبن القيم يلاحظ أنه يتحدث عن اكراهات النظرية و الممارسة لفعل الحب في الوطن العربي من قيود دينية واجتماعية، لكن كيف عالجت العلوم المعاصرة موضوع الحب وسلطانه؟
لقد تناول بتيرم ميكال في كتابه طرق الحب و دسلطانه، حيت يقول لا تؤمن عقولنا بسلطان الحب إذ يبدو لها شيئا وهميا فنسميه خداعا نفسيا مخدرا لعقول الناس، هراء مثالي وتضليل غير علمي، إننا نتحيز ضد جميع النظريات التي تحاول أن تبحت في سلطان الحب، أو القوى الإيجابية الأخرى في تقييد السلوك الإنساني، و تحديد سمات الشخصية في التأثير على مجرى التطور البيولوجي والاجتماعي والعقلي والأخلاقي، وفي التأثير على الأحداث التاريخية.
إذا كانت السوسيولوجيا تنظر إلى الحب كبناء اجتماعي في دروب الحياة وإحساسا بالأمان وانسجاما في العادات والتقاليد والمعايير والأخلاق والمكانة الاجتماعية، فإن السيكولوجيا تنظر إليه أنه كلما أخفى الإنسان مشاعره الحب والألم تظهر على شكل تصرفات غريبة، فكلما تم قمع الرغبات كلما ولدت شخصية غير متوازنة، فالحب ليس مجال للمراهقين لملأ الفراغ، وإنما تحرر وصناعة للتاريخ والمجتمع، فالحب للشجعان والجبناء تزوجهم أمهاتهم حسب تعبير نزار قباني، فالحب حسب مدرسة التحليل النفسي جوهر الصحة النفسية، حيت الأشعار والموسيقى والعطر وعدو اليأس والمرض، وهذا ما دفع أدونيس إلى قول أن الحب هو منقد العالم، ودون حب وشعر وصداقة ليس للعالم سوى التجارة و الموت برداً.

الصورة مأخوذة من ويكبيديا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد