الرائدة في صحافة الموبايل

الواقعي والافتراضي.. ومعضلة الفهم!

لا يسعف الكلام لقول كل الحقيقة، حتى ولو أثبتنا كل قرائنها؛ فقرائن بعض أنواع الحقيقة: الصمت! … إن سوء الظن آفة من آفات العصر؛ فأينما تولي وجهك فثم ما يدعو إلى الالتباس في الفهم ورؤية الأمور وإدراك الأوضاع، كما هي عليه في الحقيقة، لا كما تمثلناها من خلال ما ننقاد إليه من أحكام متسرعة، ناجمة عن الاستسهال والسطحية الساذجة المكرسة لدى العامة، والتي أضحت تتكون، غالبا، من بعض السيناريوهات الرديئة لبعض الأعمال التلفزية التي تعرض أحداثا وخيمة وشاذة وعنيفة، بتوسل ربط منطقي ضعيف وساذج، الذي لا يخلو من شبهة التلفيق في أحايين كثيرة، كما إنه لا يحترم ذلك التسلسل المنطقي الواقعي لبناء الأحداث وتشكلها، الذي يحافظ على السلامة الذهنية للمتلقي ويسعف في تعزيزها وتنميتها، لا العكس!
ناهيك عن ما يُروّج له في منصات التواصل الاجتماعي من أحاديث وتفسيرات وتأويلات، لا تخلو هي الأخرى من العبث والسطحية في تناول الظواهر المجتمعية، خاصة تلك الخارجة عن حكم العادة. نفس الشيء، أيضا، يمكن أن يُقال عن ما يدعى بالصحافة الصفراء أو صحافة الفضيحة… تلك الصحافة التي تشغل حيزا أكبر في صحافة وإعلام الميديا، حيث تقوم استراتيجيتها على إثارة وجذب الجمهور عبر خرق أفق انتظاره الأخلاقي واستغلال الاثر الرجعي لذلك – المتمثل أساسا في صدمة المتلقي وثورته على المعروض والمنشور – في العملية الترويجية لموادها الإخبارية؛ إذ تركز على إظهار الأحداث والظواهر المجتمعية الشاذة والتلاعب بها، عبر إعطاءها حجما أكبر من الحجم الذي تشغله في الواقع، مما يشكل إرهابا إدراكيا لدى العامة، خاصة لدى من يعتمد على الخبرات الجاهزة التي يتلقاها عبر الوسائل السهلة والمتداولة للميديا، كي يتسنى له أن يشكل مرجعياته الذاتية، عوضا عن اعتماده على خبرات الواقع المعيش، التي لا تنفصل عن قوة العزيمة والسعي نحو تحقيق الأهداف، في الواقع الحقيقي لا الواقع الافتراضي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد