سوريا والسيناريوهات الثلاث بعد رحيل بشار
دنا بريس – كريم محمد الجمال
سقطت العاصمة السورية دمشق دون مقاومة تذكر، ودون إطلاق ولو رصاصة واحدة من الجيش السوري الذي تخلى عنه قائده بشار الأسد ورحل إلى روسيا تاركا الجيش والشعب أمام سيناريوهات مجهولة، وفي مواجهة فصائل المعارضة المسلحة التي باتت بين عشية وضحاها تسيطر على زمام الأمور في الدولة.
فما هو ياترى مستقبل سوريا في ظل هذه الظروف العصيبة وما هي السيناريوهات المحتملة؟! هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال هءا التقرير.
السيناريو الأول: الفوضى
فقد تتناحر الفصائل المختلفة والمدفوعة بأجندات خارجية فيما بينها وتحدث فوضى ونزاع مسلح بين الفصائل ، لاسيما في غياب قوة موحدة تضبط الأمن وتسيطر على كامل الجغرافيا السورية. هذا السيناريو البائس والدموي وغير المرغوب فيه، لكن! ثمة شواهد ودلائل على وقوعه، فهيئة تحرير الشام التي سيطرت على أغلب الأراضي السورية لم تصطدم بعد بقوتين اساسيتين وهما الكرد الذين يسيطرون على ربع المساحة السورية في الشرق وكذلك فصائل الجنوب المدعومة أمريكيا.. فمسألة إقامة دولة كردية لا يمكن لتركيا القبول بها وهيئة تحرير الشام المدعومة من تركيا ورأس حربتها في المشروع السوري لن تتوانى عن قمع أي محاولة للاستقلال من قبل الكرد، وهو الامر الذي قد يدفع بخروج عناصر داعش الارهابية في سجون الأكراد وبالأخص في حال انسحاب القوات الأمريكية.
السيناريو الثاني: التقسيم
وهو مشروع إسرائيلي واضح وجار العمل عليه منذ عام 2011. وقد صرح بذلك أكثر من مسؤول إسرائيلي وعلى رأسهم الرئيس الإسرائيلي ورئيس الوزراء السابق أولمرت؛ حينما أكد أن الاستراتيجية الإسرائيلية في سوريا هي تقسيم سوريا إلى أربع أو خمس دويلات بعد رفض الرئيس السابق بشار الأسد توقيع معاهدات سلام وتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وتم اتخاذ هذا القرار بعد ضرب المفاعل النووي السوري في 2007، بعد المساعدة التي قدمتها سوريا للبنان في حرب عام 2006، وهذه المرة تريد إسرائيل أن يكون التقسيم إثنيا وقوميا وطائفيا، بحيث يكون للأكراد دولة وللدروز في السويداء دولة وللعلويين في الساحل دولة وللسنه دولة او دولتين بين الشام وحمص وحماه ودرعا، وربما يكون هناك دولة للفصائل المسلحة المقربة من القاعدة في ادلب، وهذا النموذج هو الذي تريده إسرائيل على غرار دولتها القومية الدينية والعرقية.
السيناريو الثالث: الفيدرالية الوطنية
أو الإدارة الذاتية واقتطاع جزء من الجغرافيا السورية وتقليص مساحة الدولة. فتركيا ترغب في سوريا موحدة حتى لا تعطي الفرصة للاكراد بالاستقلال، وفي نفس الوقت هذا الخيار مدعوم بقوة من العراق وإيران. وعلى جانب آخر، ترغب تركيا في مساحة وفي نفوذ من حلب حتى الموصل، لأن تركيا ترى أنها قد ظلمت تاريخيا في اتفاقيات تقسيم الدولة العثمانية، وتريد استرجاع نفوذها حتى لو لم تنضم إليها المنطقة على أن تكون تحت إشرافها، كما يقع في بعض هذه المناطق مثل ادلب. حيث العلم التركي حاضر والتعامل بالليرة التركية واقع وكذلك الدراسة باللغة التركية.. وبالطبع ستكون إسرائيل الفائز الأكبر. وكما صرح نتنياهو: “الجولان أصبحت أرضا إسرائيلية إلى الأبد”. إضافه إلى ذلك؛ فاستيلاء إسرائيل على جبل الشيخ أعلى قمة جبلية في سوريا والقريب من العاصمة. والمطلة عليها والذي يضمن لإسرائيل السيادة الجوية والاستراتيجيهة بعد أن قامت بتدمير كل الأسلحة التي كان يمتلكها الجيش السوري، وهناك بعض المناطق الأخرى التي ترغب في مشروع الإدارة الذاتية مثل الدروز في السويدا، وربما تطبق الفصائل المسلحة في ادلب نظاما إسلاميا صارما قريبا من حكم الطالبان في أفغانستان في مناطق سيطرتها.
الاحتمالات الثلاثة واردة، إلا أن هناك احتمال آخر تتمناه الدول العربية والسوريون، هو أن تكون سوريا دولة موحدة تحكمها المؤسسات وتحترم فيها الأقليات، وأن تصبح حاضرة كما كانت وأكثر وأن تستفيد من الخبرات التي راكمتها الجاليات السورية في العالم، على أن تخرج من المحور الروسي الإيراني لتقع في حكم ميليشيات أو في حكم جماعات على صلة بجامعات وعصابات إرهابية أو دكتاتورية سواء باسم الطائفية وتطبيق الشريعة الإسلامية، أو باسم الوطنية والحزبية والقومية.