إسرائيليون يُحرجون حكومة نتنياهو.. أغلبية ساحقة تؤيد صفقة شاملة مع “حماس” ووقف الحرب
هيئة تحرير دنا بريس
في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة الإسرائيلية تعنتها ورفضها لمقترحات وقف إطلاق النار، كشفت نتائج استطلاع رأي أجرته صحيفة “معاريف” الجمعة، عن مفارقة سياسية صادمة: 62% من الإسرائيليين يفضلون صفقة تبادل أسرى شاملة مع “حماس”، تتضمن دفعة واحدة للإفراج عن الأسرى، ووقف الحرب وسحب الجيش من قطاع غزة.
وفي مقابل المؤيدين، لم يوافق سوى 21% من المستطلعين على رفض هذه الصفقة، بينما أعرب 17% عن عدم امتلاكهم لرأي محدد، ما يؤشر إلى حجم الارتباك الداخلي وتآكل الثقة بقرارات المؤسسة السياسية والعسكرية.
المثير أن غالبية مناصري المعارضة، بنسبة 89%، يدعمون هذه الصفقة، بينما أبدى 46% من ناخبي الائتلاف الحاكم معارضتهم لها. أما ناخبو “الليكود”، الحزب الذي يقود الحكومة، فقد انقسموا بدورهم، حيث عارض 39% الصفقة وأيّدها 34%.
هذا ولم يتوقف التصدع عند حدود الحرب، بل طال جهاز “الشاباك”، حيث أبدى نصف الإسرائيليين موافقتهم على استقالة رئيس الجهاز رونين بار “لحماية صورة الشاباك”، وسط فضيحة أمنية تتعلق بتسريب معلومات حساسة لوزير وصحفيين بدوافع أيديولوجية يمينية. الاستقالة وجدت صدى واسعًا في صفوف ناخبي الائتلاف بنسبة 81%، في حين عارضها 47% من مؤيدي المعارضة، ما يعكس تباينًا عميقًا في المواقف من المؤسسات الأمنية.
وتتضارب الآراء أيضًا حول حيادية الشاباك في التحقيق، إذ يرى 59% من ناخبي المعارضة أن الجهاز يتصرف بمهنية وموضوعية، فيما يعتقد 66% من أنصار الائتلاف أن قراراته منحازة، ما يعكس أزمة ثقة متفاقمة بين الجمهور والأجهزة الأمنية.
فيما لا تقل تقديرات الخبراء حدة، إذ يعتبرون أن طرح “حماس” لصفقة إفراج شامل مقابل وقف الحرب يضع حكومة نتنياهو في زاوية ضيقة، مع تزايد الأصوات الداعية للحل. وتتحدث التوقعات عن سيناريو انتخابات لا يبشر بخير للحكومة الحالية، خاصة مع تراجع دعم الأحزاب الدينية، وصعود نجم المعارضة بقيادة نفتالي بينيت كمرشح قوي لقيادة المرحلة القادمة.
كما تكشف نتائج الاستطلاع هذه عن اتساع الفجوة بين الرأي العام الإسرائيلي وصنّاع القرار، في لحظة سياسية وأمنية حرجة تشهدها إسرائيل. فبينما تتمسك الحكومة بخيار الحرب والمواجهة المفتوحة، يبدو أن الشارع بدأ يترنح تحت وطأة الخسائر البشرية والاقتصادية والمعنوية، ويتطلع إلى مخرج يُعيد الأسرى ويُنهي النزيف.
وقد لا تكون صفقة “حماس” المقترحة مثالية من منظور المؤسسة الأمنية، لكنها تبدو أكثر واقعية في عيون المواطنين الذين سئموا الحرب الطويلة. فالتأييد الشعبي العارم، حتى من داخل قواعد المعارضة، يشكل ورقة ضغط قوية قد تقلب موازين القرار في قادم الأيام، خاصة مع تزايد الحديث عن احتمال انتخابات مبكرة.
وهكذا تكون إسرائيل على المحك وعلى حكومة نتنياهو أن تجتاز بحكمة هذا الاختبار: فإما أن تستجيب لنبض الشارع، أو تخاطر كعادتها مما قد يعرضها لمزيد من العزلة السياسية والانقسام الداخلي.